فصل: منازعة ايتاق للمؤيد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة سنجر.

ثم توفي السلطان صاحب خراسان في ربيع سنة اثنتين وخمسين وقد كان ولى خراسان منذ أيام أخيه بركيارق وعهد له أخوه محمد فلما مات محمد خوطب بالسلطنة وكان الملوك كلهم بعدها في طاعته نحو أربعين سنة وخطب له قبلها بالملك عشرين سنة وأسره الغز ثلاث سنين ونصف ومات بعد خلاصه من الاسر وقطعت خطبته ببغداد والعراق ولما احتضر استخلف على خراسان ابن أخته محمد بن محمود بن بقراخان فأقام بجرجان وملك الغز مرو وخراسان وملك به المؤيد نيسابور وناحيته من خراسان وبقي الأمر على هذا الخلاف سنة أربع وخمسين وبعث الغز إلى محمود الخان ليحضر عندهم فيملكوه فخافهم على نفسه وبعث ابنه إليهم فاطاعوه مدة ثم لحق بهم كما نذكر بعد.

.منازعة ايتاق للمؤيد.

كان ايتاق هذا من موالي السلطان سنجر فلما كانت الفتنة وافترق الشمل ومات السلطان سنجر وملك المؤيد نيسابور وحصل له التقدم بذلك على عساكر خراسان حسده جماعة من الأمراء وانحرف عنه إيتاق هذا فتارة يكون معه وتارة يكون في مازندان فلما كان سنة اثنتين وخمسين سار من مازندان في عشرة آلاف فارس من المنحرفين عن المؤيد وقصد نسا وابيورد وأقام بها المؤيد ايتاق فسار إليه وكبسه وغنم معسكره ومضى ايتاق منهزما إلى مازندان وكان بين ملكها رستم وبين أخيه علي فتقرب ايتاق إلى رستم بقتال أخيه علي فوجد لذلك غلبة ودفعه عنه وسار يتردد في نواحي خراسان بالعيث والفساد والح على اسفراين فخربها وراسله السلطان محمود الخان المؤيد في الطاعة والاستقامة فامتنع فساروا إليه في العساكر في صفر سنة ثلاث وخمسين فهرب إلى طبرستان وبعث رستم شاه مازندان إلى محمود والمؤيد بطاعته وبأموال جليلة وهدية فقبلوا منه وبعث ايتاق ابنه رهنا على الطاعة فرجعوا عنه واستقر بجرجان ودستان وأعمالها.

.منازعة سنقر العزيزي للمؤيد ومقتله.

كان سنقر العزيزي من أمراء السلطان سنجر وكان في نفسه من المؤيد ما عند الباقين فلما شغل المؤيد بحرب ايتاق سار سنقر من عسكر السلطان محمود بن محمد إلى هراة فملكها واشترط عليه أن يستظهر بملك الغورية الحسين فأبى وطمع في الاستبداد لما رأى من استبداد الأمراء على السلطان محمود بن محمد فحاصره المؤيد بهراة واستمال الاتراك الذين كانوا معه فأطاعوه وقتلوا سنقر العزيزي غيلة وملك السلطان محمد هراة ولحق الفل من عسكر سنقر بإيتاق وتسلطوا على طوس وقراها واستولى الخراب على البلاد والله تعالى أعلم.

.فتنة الغز الثانية بخراسان وخراب نيسابور على يد المؤيد.

كان الغز بعد فتنتهم الاولى أوطنوا بلخ ونزعوا عن النهب والقتل بخراسان واتفقت الكلمة بها على طاعة السلطان محمود بن محمد الخان وكان القائم بدولته المؤيد أبوابه فلما كان سنة ثلاث وخمسين في شعبان سار الغز إلى مرو فزحف المؤيد وأوقع طائفة منهم وتبعهم إلى مرو وعاد إلى سرخس وخرج معه الخان محمود لحربهم فالتقوا خامس شوال وتواقعوا مرارا ثلاثا انهزم فيها الغز على مرو وأحسنوا السيرة وأكرموا العلماء والأئمة ثم أغاروا على سرخس وطوس واستباحوهما وخربوهما وعادوا إلى مرو وأما الخان محمود بن محمد فسار إلى جرجان ينتظر مال أمرهم وبعثوا إليه الغز سنة أربع يستدعونه ليملكوه فاعتذر لهم خشية على نفسه فطلبوا منه جلال الدين عمر فتوثق منهم بالحلف وبعثه إليهم فعظموه وملكوه في ربيع الآخر من سنة أربع ثم سار أبوه محمود إلى خراسان وتخلف عنه المؤيد أبوابه وانتهى إلى حدود نساوا بيورد فولى عليهم الأمير عمر بن حمزة النسوي فقام في حمايتها المقام المحمود بظاهر نسا ثم سار الغز من نيسابور إلى طوس لامتناع أهلها من طاعتهم فملكوها واستباحوها وعادوا إلى نيسابور فساروا مع جلال الدين عمر بن محمود الخان إلى حصار سارورا وبها النقيب عماد الدين محمد بن يحيى العلوي الحسيني فحاصروه وامتنعت عليهم فرجعوا إلى نسا وابيورد للقاء الخان محمود بجرجان كما قدمناه فخرج منها سائر إلى خراسان واعترضه الغز ببعض القرى في طريقه فهرب منه وأسر بعضهم ثم هرب منه ولحق بنيسابور فلما جاء الخان محمود إليها مع الغز فارقها منتصف شعبان ودخلها الغز وأحسنوا السيرة وساروا إلى سرخس ومرو فعاد المؤيد في عساكره إلى نيسابور وامتنع أهلها عليه فحاصرها وافتتحها عنوة وخربها ورحل عنها إلى سبق في شوال سنة أربع وخمسين.

.استيلاء ملك شاه بن محمود على خوزستان.

ولما رجع السلطان ملك شاه محمد بن محمود من حصار بغداد وامتنع الخليفة من الخطبة له أقام بهمذان عليلا وسار أخوه ملك شاه إلى قم وقاشان فافحش في نهبها ومصادرة أهلها وراسله أخوه السلطان محمد في الكف عن ذلك فلم يفعل وسار إلى اصبهان وبعث إلى ابن الجمقري وأعيان البلد في طاعته فاعتذروا بطاعة أخيه فعاث في قراها ونواحيها فسار السلطان إليه من همذان وفي مقدمته كرجان الخادم فافترقت جموع ملك شاه ولحق ببغداد فلما انتهى إلى قوس لقيه موبذان وسنقر الهمذاني فأشارا عليه بقصد خوزستان من بغداد فسار إلى واسط ونزل بالجانب الشرقي وساء أثر عسكره في النواحي ففتحوا عليهم البثوق وغرق كثير منهم ورجع ملك شاه إلى خوزستان فمنعه شملة من العبور فطلب الجوار في بلده إلى أخيه السلطان فمنعه فنزل على الاكراد الذين هنالك فاجتمعوا عليه من الجبال والبسائط وحارب شملة ومع ملك شاه سنقر الهمذاني وموبذان وغيرهما من الأمراء فانهزم شملة وقتل عامة أصحابه واستولى ملك شاه على البلاد وسار إلى فارس والله هو المؤيد بنصره.